مرض بهجت (Behçet’s Disease)، المعروف أيضاً بمتلازمة بهجت، ليس مجرد مرض نادر، بل هو رحلة معقدة مع التهاب مزمن يصيب الأوعية الدموية في جميع أنحاء الجسم. سمي على اسم الطبيب التركي هولوشي بهجت الذي وصفه أولاً عام 1937.
يعد هذا المرض تحدياً تشخيصياً وعلاجياً بسبب تنوع أعراضه وطبيعته المتقلبة، هذا المقال يقدم نظرة مركزة على أسباب المرض، أعراضه، وطرق علاجه، مع تسليط الضوء خاص على الدور الاستراتيجي الذي يلعبه العلاج الطبيعي في إدارة المضاعفات وتحسين جودة الحياة.
ما هو مرض بهجت؟
مرض بهجت هو اضطراب التهابي جهازي مزمن مجهول السبب (غير معروف السبب المحدد) يتميز بالتهاب الأوعية الدموية (التهاب وعائي – Vasculitis) مما يؤدي إلى ظهور أعراض في أجزاء متعددة من الجسم، أشهرها تقرحات الفم والأعضاء التناسلية، مع دورات متكررة من الالتهاب والهدوء.
أسباب مرض بهجت
السبب الدقيق لمرض بهجت غير معروف حتى الآن، لكن يعتقد أنه مزيج من العوامل:
- الاستعداد الوراثي (الجيني): يرتبط وجود جين معين يسمى HLA-B51 بشكل كبير بزيادة خطر الإصابة، خاصة في مناطق انتشار المرض (طريق الحرير: تركيا، اليابان، الشرق الأوسط، شرق آسيا). لكن وجود الجين لا يعني حتمية الإصابة، وغيابه لا ينفيها.
- خلل في الجهاز المناعي (تفاعل مناعي ذاتي): يبدو أن الجهاز المناعي يفقد قدرته على التمييز بين خلايا الجسم والغزاة الأجانب، فيبدأ بمهاجمة الخلايا السليمة، خاصة الخلايا المبطنة للأوعية الدموية، مسبباً الالتهاب والتلف.
- عوامل بيئية ومحفزات: يعتقد أن عوامل خارجية قد “تشعل” المرض عند الأشخاص المهيئين وراثياً. وتشمل:
- الالتهابات البكتيرية أو الفيروسية (رغم عدم تحديد عامل واحد).
- عوامل بيئية غير معروفة بدقة.
- التوتر النفسي (قد يزيد من حدة النوبات).
أعراض مرض بهجت
تختلف الأعراض بشكل كبير بين المرضى في النوع والشدة والتكرار أكثرها شيوعاً:
- تقرحات الفم (Oral Ulcers): أكثر الأعراض شيوعاً (تقريباً 100% من المرضى).
- تقرحات الأعضاء التناسلية (Genital Ulcers): شائعة جداً، مؤلمة، تترك غالباً ندبات بعد شفائها.
- مشاكل العين (Ocular Involvement): خطيرة وقد تؤدي لفقدان البصر.
- مشاكل الجلد (Skin Lesions): مثل حب الشباب، عقيدات حمامية، التهاب حول الأظافر، ردود فعل جلدية شديدة للوخز.
- مشاكل المفاصل (Arthritis): ألم وتورم في المفاصل، عادة لا يسبب تشوهات دائمة.
- مشاكل الجهاز العصبي المركزي (Neuro-Behçet): مثل الصداع الشديد، السكتة الدماغية، تغيرات في الشخصية.
- مشاكل الأوعية الدموية (Vascular Involvement): جلطات وريديّة أو شريانية.
- مشاكل الجهاز الهضمي (Gastrointestinal Involvement): ألم، إسهال، تقرحات.
- أعراض عامة: إعياء، حمى، فقدان الشهية.
تشخيص مرض بهجت
لا يوجد اختبار واحد قاطع يعتمد التشخيص على معايير سريرية دولية تشمل الأعراض الرئيسية (تقرحات الفم المتكررة + تقرحات تناسلية أو مشاكل عين أو جلد أو رد فعل جلد إيجابي للوخز). يستبعد الطبيب الأمراض الأخرى ذات الأعراض المشابهة.
العلاج العام: السيطرة على الالتهاب
يهدف العلاج الدوائي إلى كبح الالتهاب، تخفيف الأعراض، منع النوبات، وتقليل المضاعفات الخطيرة. ويشمل:
- العلاجات الموضعية: كريمات كورتيكوستيرويد أو مخدر موضعي.
- العلاجات الجهازية (الفموية أو الحقن):
- الكولشيسين (Colchicine)
- الكورتيكوستيرويدات (Corticosteroids)
- مثبطات المناعة (Immunosuppressants)
- العلاجات البيولوجية (Biologics)
- أدوية أخرى: مثل الثاليدومايد.
العلاج الطبيعي لمرض بهجت
هنا يأتي دور العلاج الطبيعي في مصحات التشيك (Physiotherapy) كركن أساسي لا غنى عنه في إدارة مرض بهجت. لا يعالج المرض نفسه، لكنه يركز على تقليل المضاعفات وتحسين جودة الحياة. ويتضمن:
إدارة آلام المفاصل والعضلات
- العلاج الحراري/البارد
- التحفيز الكهربائي (TENS)
- التمارين العلاجية
- العلاج اليدوي (Manual Therapy)
منع وتقليل الإعاقة الحركية
- تصميم برامج تمارين فردية
- تدريب المشي والحركة
- تمارين التوازن والثبات
إدارة المضاعفات الوعائية (خاصة DVT)
- العلاج بالضغط (Compression Therapy)
- تمارين الضخ العضلي (Muscle Pump Exercises)
- تثقيف المريض
تحسين الوظيفة اليومية وجودة الحياة
- تعديل البيئة المنزلية والعملية
- تقنيات حفظ الطاقة
- التعامل مع الإرهاق
- الدعم النفسي والتحفيز
كيف يعمل أخصائي العلاج الطبيعي؟
طريقة عمل اخصائي العلاج الطبيعي مع مرض بهجت هي:
- تقييم شامل
- وضع خطة علاجية فردية
- تنفيذ جلسات علاجية
- التعديل المستمر للخطة
- تثقيف وتمكين المريض
تواصل معنا الان
د/ حسين السريحي
00420 608 060 277

الخلاصة
مرض بهجت هو تحدٍ معقد يتطلب نهجاً متعدد التخصصات. وبينما تركز الأدوية على تقليل الالتهاب، فإن العلاج الطبيعي يساهم في:
- الحفاظ على الاستقلالية الوظيفية
- تحسين جودة الحياة
- تقليل الاعتماد على الآخرين
- تمكين المريض من مواجهة التحديات
إدماج العلاج الطبيعي بشكل مبكر ومستمر أمر ضروري لتحقيق أفضل النتائج، والتواصل بين الطبيب والمريض وأخصائي العلاج الطبيعي هو مفتاح النجاح.